علي ابو حبلة : غزة تحت النار: نداء عالمي للعدالة والمسؤولية الدولية

في السابع من أكتوبر 2023، اندلعت حرب وحشية في قطاع غزة، أفضت إلى مأساة إنسانية غير مسبوقة، تستهدف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بينما تشهد الضفة الغربية والقدس تصعيدًا خطيرًا من الانتهاكات الإسرائيلية التي تهدد وجود الفلسطينيين على أرضهم.
السياق السياسي والإنساني للصراع
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس جديدًا، لكنه يدخل اليوم مرحلة مأساوية تستوجب إعادة نظر جادة من قبل المجتمع الدولي. الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من خمسة عقود، لم يكتفِ بالسيطرة العسكرية، بل تجاوز ذلك إلى انتهاكات متكررة لحقوق الإنسان، ومحاولات ممنهجة لتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي، عبر الاستيطان والتهجير والاعتقالات والإعدامات الميدانية.
في غزة، أدى القصف الإسرائيلي المكثف إلى تدمير شامل للبنية التحتية المدنية، استهداف واضح للمدنيين، ومجاعة صحية حادة نتيجة الحصار المستمر منذ سنوات. في الضفة الغربية والقدس، تستمر الممارسات الاحتلالية في هدم المنازل، وترهيب السكان، وتهجير العائلات، في إطار سياسة تحاول فرض واقع جديد ينفي الحقوق الفلسطينية.
القوانين الدولية وواجبات المجتمع الدولي
وفقًا للقانون الدولي الإنساني، وخصوصًا اتفاقيات جنيف الأربع، فإن الاحتلال مسؤول عن حماية السكان المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها. أي استهداف متعمد للمدنيين أو المنشآت المدنية يُعد جريمة حرب.
كما أن مبادئ حقوق الإنسان العالمية تفرض على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، حيثما وقعت.
لكن الواقع يظهر عجزًا واضحًا في آليات تطبيق هذه القوانين، حيث يظل مجلس الأمن متوقفًا أمام استخدام حق الفيتو، بينما تتواصل الجرائم بغطاء سياسي واقتصادي وعسكري من بعض الدول.
التحديات والمخاطر
إن استمرار هذا الوضع لا يشكل خطرًا على الفلسطينيين وحدهم، بل يهدد استقرار المنطقة بأسرها، ويقوض مبادئ القانون الدولي، ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب التي قد تتكرر في مناطق أخرى.
كما أن استمرار الحصار والعدوان يزيد من معاناة المدنيين ويُعمّق الأزمة الإنسانية، ويؤجج مشاعر الغضب والكراهية، ما يزيد من احتمالات التصعيد والعنف المستمر.
الدعوة للتحرك الدولي الفوري
نوجه هذا النداء إلى الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، والمجتمع الدولي بشكل عام، للعمل على:
1. وقف فوري وشامل لإطلاق النار، يضمن حماية المدنيين وإنهاء العدوان العسكري على غزة.
2. رفع الحصار المفروض على غزة، وفتح معابر إنسانية تضمن وصول الغذاء والدواء والمساعدات الأساسية.
3. تفعيل آليات المساءلة الدولية عبر دعم عمل محكمة الجنايات الدولية، ومحاسبة مجرمي الحرب بدون تأخير أو مماطلة.
4. فرض عقوبات دولية رادعة على دولة الاحتلال، تشمل حظر السلاح والمقاطعة الاقتصادية، حتى تلتزم بالقانون الدولي.
5. إرسال قوات حماية دولية تضمن أمن المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
6. دعم مسار سياسي شامل يقوم على حل الدولتين، واعتراف كامل بحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير.
إن السلام العادل لا يُبنى على أنقاض المنازل المدمرة ولا على دماء الأبرياء. إنه يتطلب إرادة دولية صادقة لإنهاء الاحتلال، وإرساء العدالة، وضمان حقوق الإنسان للجميع.
إن صمت المجتمع الدولي اليوم عن جرائم الإبادة الجماعية في غزة، والتهجير القسري في الضفة والقدس، هو مشاركة في الجريمة وتفريط في مسؤولياته الإنسانية والقانونية.
ندعو العالم بأسره إلى الاستجابة لهذا النداء العادل، والعمل الفوري والجاد لإنقاذ ما تبقى من حياة وكرامة في فلسطين.
ــ الدستور