الأخبار

كمال زكارنة : المفاوضات وصمود غزة .

كمال زكارنة : المفاوضات وصمود غزة .
أخبارنا :  

كمال زكارنة.
لا يمكن الفصل بين المفاوضات والصمود،ومن غير الممكن الحديث عن مفاوضات دون صمود ،فهي معادلة واحدة مترابطة بقوة بكلمتين متلازمتين لا انفصال بينهما،حيث يفرض الصمود المفاوضات .
في الحالة الغزاوية ،قد يتساءل كثيرون ،كيف تستطيع المقاومة الفلسطينية الاستمرار بهذا الصمود الاسطوري لاكثر من عشرين شهرا ،في حرب متواصلة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، يواجه حرب ابادة جماعية متواصلة دون توقف،من البر والبحر والجو،يرافقها حصار محكم ومطبق وتجويع،وقتل لكل اسباب الحياة في قطاع اصبح شبه مدمر بالكامل ،وفاق عدد الشهداء التسعين الف شهيد وثلاثة اضعاف هذا العدد من الجرحى ،وآلاف المفقودين والمعتقلين ،وجميع السكان تقريبا ،اكثر من مليوني فلسطيني بلا مأوى.
الجواب سهل ،ان المقاومة تقاتل على ارضها ،فوق الارض وتحت الارض الفلسطينية ،وبين شعبها وحاضنتها التي لا يمكن ان تخونها او تتخلى عنها ،ولا يمكن ان تتحالف مع عدوها وتوجه سلاحها الى صدر مقاوم ،تقاتل بين ابناء شعبها الذين هم آباء وامهات واشقاء وشقيقات وابناء واقارب وجيران واصدقاء وانسباء وزملاء وابناء جلدة المقاومين ،هذا هو السبب الاستراتيجي والاساسي والرئيسي الذي يمنح المقاومة كل هذه القوة واسباب الصمود ،والقوة والمعنوية والاستمرار في مواجهة العدوان الاسرائيلي والتصدي له.
بعد اكثر من عشرين شهرا،على اطول واشرس واعنف عدوان اسرائيلي على الشعب الفلسطيني ،وحرب متواصلة يشهدها الشرق الاوسط ،منذ اقامة الكيان بالقوة على ارض فلسطين المحتلة،تجد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، توجه ضربات ناجحة وقاسية لجيش الاحتلال ،وتكبده خسائر فادحة بالارواح والمعدات يوميا ،في جميع مناطق قطاع غزة،وخاصة في المناطق التي يعلنها الاحتلال انها محتلة وآمنة،وخالية من المقاومين .
لم يعد امام الاحتلال الاسرائيلي الا خيارين ،بعد ان فشلت جميع خياراته خلال العشرين شهرا الماضية ،وهي اما احتلال كامل مساحة قطاع غزة ،اذ تبقى ربع مساحة القطاع خارج سيطرة الاحتلال ،كما يدعي الاحتلال ذاته،لكننا نرى المقاومة وخسائر الاحتلال في كل جزء من مساحة القطاع،والاحتلال نفسه يعرف ان هذا الخيار لن يجلب له النصر ولا حسم المعركة،بل على العكس ،سوف يتكبد خسائر اكبر ،وسوف تشتعل المقاومة بشكل اعنف واكبر ،وسيقع في حقل من النيران، لن يستطيع الخروج منه لسنوات قادمة.
الخيار الثاني ،المفاوضات والتوصل الى اتفاق ،صحيح ان المقاومة لديها ورقة الضغط الاهم والاقوى وهي ورقة الاسرى الاسرائيليين الاحياء والاموات،لكن هناك ورقة ثانية ايضا لا تقل عنها قوة واهمية، وهي ورقة الصمود والقدرة على مواصلة القتال.
اطالة امد المفاوضات ،كان دائما هدفه شراء الوقت، ومنح الاحتلال مزيدا من الفرص لتحقيق اهداف عدوانه، لكنه فشل في كل مرة ،وها هم يعودون الى المفاوضات والتفاؤل بقرب التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ،وربما وقف الحرب وفقا لبعض التسريبات الاعلامية .
بنود الانفاق هذه المرة التي يتوقع اعلانها الاسبوع القادم او الذي يليه،لن تكون سحرية اوغير متوقعة،بل هي ذاتها التي كانت مادة ونقاط التفاوض في الاشهر والاسابيع الماضية ،وتنص وفقا لمصادر اخبارية ،على هدنة لمدة ستين يوما،يتم خلالها الافراج عن عشرة اسرى اسرائيليين احياء،بشكل تدريجي ،بحثيت تفرج المقاومة عن اربعة اسرى احياء في اليوم الاول من البدء بتطبيق الاتفاق ،واثنان في اليوم الثلاثين للاتفاق واربعة في اليوم الستين للاتفاق وجميع هؤلاء احياء،ويتم خلال الستين يوما ايضا، تسليم ثماني عشرة جثة لاسرى اسرائيليين للكيان،ويتعهد الرئيس الامريكي ترمب شخصيا بالحفاظ على استمرار الهدنة وعدم خرقها من جانب اسرائيل طيلة الستين يوما،كما يتعهد بتمديد الهدنة وعدم اختراقها في حال لم يتم التوصل الى اتفاق حول المرحلة الثانية من الاتفاق ،ومواصلة المفاوضات حتى يتم التوصل الى اتفاق ينهي الحرب.
يتضمن اتفاق الهدنة المؤقتة تفاصيل اخرى ،تتعلق بادخال المساعدات والانسحاب الاسرائيلي داخل قطاع غزة وعودة النارحين الى اماكن سكناهم والاعمار ،وتفاصيل كثيرة تتعلق بحياة سكان قطاع غزة .
اذن لا اضافات جديدة على بنود مشروع او مقترح الاتفاق ،منذ انسحاب نتنياهو من اتفاق شهر يناير الماضي حتى اليوم ،مما يثبت ان كل هذه المدة كانت عبارة عن منح نتنياهو وجيشه المحتل، فرصة اخرى لتحقيق نصره المزعوم... وفشل.

مواضيع قد تهمك