صالح الراشد يكتب : الفرح بمصائب الآخرين مرض نفسي يجب اجتثاثه

صالح الراشد
يتسابقون لتوجيه النقد لمن يعملون ويبدعون فيما هم يكتفون بمشاهدة ما يجري وكأنهم يعيشون خارج الزمن، ويزيد هجومهم حين يسبقهم الآخرون صوب الابداع والألق فيما هم يتمترسون في أماكنهم ووراء أفكارهم ،ويظهر أسوء ما فيهم حين يتعرض مبدع لمصيبة فحينها يشعر الباحثين عن الشهرة في عصر التفاهة بالفرح والسعادة، فيتسابقون لنشر هذر الكلام ويجادلون العارفين ببواطن الأمور ويكذبونهم مستغلين مساحات متعددة في العالم الافتراضي الذي تم صناعته لتدمير المجتمعات فيما تدعى كذباً وزوراً بوسائل التواصل الاجتماعي، لنجد أنه لم ينجوا من تنمرهم وكذبهم أحد حتى وإن كان سياسي متمرس أو خبير اقتصادي ساهم في بناء مشاريع زادت من دخل الوطن وفتحت أبواب للتشغيل.
ولّم تنجوا الرياضة المبدعة من النقد بعد أن تحول غالبية رواد منصات التواصل لخبراء في كافة أمور الرياضة، ليسير العديد من الأشخاص عكس تيار الابداع بالتقليل من الإنجاز حتى يظهروا كمبدعين يملكون رؤيا مختلفة، رغم ان حديثهم سراب بلا قيمة كونه غير مبني على أسس علمية، لكنها وسائل التواصل التي حولت العديد من الاشخاص لخبراء من وهم، ونتذكر كيف تعرض لاعبو منتخب كرة القدم الأردني لسيل من الانتقادات عقب كل لقاء من محللين بلا خبرات ومن وهميين في عالم الوهم الافتراضي، ولم يتوقف البعض عن الانتقاد رغم تأهل النشامى لنهائيات كأس العالم القادمة، ولم يشفع له حصوله على مركز وصيف آسيا رغم أن الجميع أجمعوا ان اللقب سُرق منه عنوة، وسبقه منتخب السلة الذي تأهل ثلاث مرات لنهائيات كأس العالم ولم ينجوا محمد عليان وطارق الزعبي من النقد المبطن والهجوم العلني، حتى أن البطل الذهبي أحمد أبو غوش طارده أبطال الورق لسرقة البطولة منه ولإشعار المتابعين بأهميتهم.
وحاليا ً طارد الدونكشوتيون رجل الأعمال والاقتصادي والمفكر المعروف عالمياً طلال ابو غزالة بعد أن تعرض مكتبه للسرقة، وبدلاً من قيامهم برفض السرقة التي يعاقب عليه القانون الأردني والشرائع السماوية ركز أبطال الوهم والجهل على توجيه النقد لأبي غزالة، وبطريقة مثيرة تنم عن حقد غير مشهود وكالوا له الإتهامات بطريقة رخيصة، لنشعر ان هؤلاء يدفعون المجتمع صوب الفعل الخاطىء، لتجد أن سيل الجهل المنتشر والمتزايد قد وصل الزبى من قبل نمور من ورق وأبطال الهلام والكلام، فيما وقف رجال الاقتصاد والعلم والمعرفة والقانون وراء رجل له بصماته الواضحة على اقتصاد الوطن.
ومن الملاحظ ان الشماته في العصر الحديث لا حدود لها وقد تجاوزت جميع خطوط المنطق والأخلاق، لنجد أن الجميع معرضين لهذا الأمر كون البعض امتهنوا النقد وانطبع على قلوبهم كراهية الآخرين حتى أصبحو لا يحبون أحد إلا أنفسهم ولا يعترفون بمفكر إلا هم، لذا وجب على مجتمع العقلاء التصدي لهؤلاء العابثين بكل قوة وعبر جميع المنصات، من خلال أصحاب الفكر والرشاد لاجتثاث الفكر السقيم من المجتمع حتى يمحوا الجميع، ويعتبر الحقد والبغضاء،، والكبر، والعداوة، والنفاق، والجهل المحرك الرئيسي ويعتقد مثيروا الفتنة أن الفرح بابتلاء الآخرين قد يجلب لهم السعادة أو يرفع من قدرهم ومكانتهم، ولا يدركون أنهم يصبحون تدريجياً في نهاية تصنيف المجتمع، لذا على أبطال العالم الافتراضي التوقف عن كيل الشتائم والإساءة والتندر بمن أخطأوا ومنهم من ماتوا من الخمور المغشوشة، والدعاء باصلاح الحال وأن يتذكروا قول الرسول عليه السلام: "لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَة لأَخِيكَ فَيرْحمْهُ اللَّهُ وَيبتَلِيكَ"، وهو ما يدعوا لأن يتفرغ كل امرؤ لإصلاح نفسه وهذا أفضل من فضح الناس.
آخر الكلام:
قال الكاتب الفيلسوف والكاتب الإيطالي أمبرتو إيكو: "إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن يثرثرون في الحانات فقط، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل مَنْ يحملون جائزة نوبل، إنه غزو البلهاء".