غارات إسرائيلية عنيفة توقع شهداء.. والإعلامي الحكومي يُكذب رواية السفير الأمريكي
استمر جيش الاحتلال في شن هجمات دامية على قطاع غزة، أوقعت ضحايا جدد إلى جانب إحداث تدمير جديد في المناطق الواقعة خلف "الخط الأصفر”، وطالبت حركة حماس من جديد، الوسطاء والدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، إلى التحرك العاجل والضغط المباشر على حكومة الاحتلال، بعد أن كذب المكتب الإعلامي رواية السفير الأمريكي حول حجم المساعدات.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن المشافي استقبلت 4 شهداء جدد و10 إصابات خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتقع عدد الشهداء منذ اتفاق وقف إطلاق النار إلى 383 شهيدا، و1002 إصابة، إضافة إلى انتشال 627 شهيد.
وأوضحت أن حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 70,373 شهيدًا و171,079 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة.
ضحايا الهجمات
وميدانيا، ذكرت مصادر طبية أن سيدة استشهدت وأصيب آخرون، جراء قصف إسرائيلي، طال منطقة قريبة من بركة أبو راشد في شارع المدارس بمخيّم جباليا شمالي قطاع غزة.
كما قام جيش الاحتلال باستهداف آخر طال منطقة قريبة من مستشفى اليمن السعيد في مخيّم جباليا، وقال مواطنون أن جيش الاحتلال تقدم في محيط تلك المنطقة.
وفي مدينة غزة سمع انفجارات في الأحياء الواقعة شرق المدينة، ناجمة عن عمليات قصف مدفعي لمناطق تقع داخل "الخط الأصفر”.
أما في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، فقد سجل العديد من عمليات القصف المدفعي وإطلاق النار الكثيف من الآليات المتوغلة طال أحياء تقع شرق المدينة.
وطال قصف مدفعي محيط دوّار بني سهيلا، وأبلغ مواطنون عن قيام المروحيات الهجومية بإطلاق نار كثيف على تلك المناطق، ومناطق أخرى تقع جنوب شرق المدينة.
وفي مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، سمع دوي انفجارات ناجمة عن شن جيش الاحتلال غارات جوية هناك لم تعرف طبيعتها لوقوع المدينة بالكامل تحت السيطرة الإسرائيلية.
وهذه الهجمات تخالف اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم العاشر من أكتوبر الماضي، برعاية أمريكية ومصرية وقطرية وتركية، وينص على وقف الهجمات المتبادلة.
واستشهد وأصيب نحو 1500 مواطن، منذ ذلك التاريخ، جراء الهجمات العنيفة التي ينفذها جيش الاحتلال ضد مناطق عدة داخل القطاع.
وجاءت هذه الغارات مع استمرار المنخفض الجوي العميق الذي يضرب المنطقة وقطاع غزة، والمتوقع أن يستمر حتى نهاية يوم الجمعة، والذي فاقم من مأساة السكان، الذين يشتكون من قلة الإمكانيات ومن الإقامة في خيام بالية مهترئة، حيث تمنع سلطات الاحتلال دخول مستلزمات الإيواء بالقدر المطلوب لهذه الأسر.
تكذيب السفير الأمريكي
هذا وقد كذب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، التصريحات التي أدلى بها السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة مايك والتز بشأن دخول 600 شاحنة مساعدات يوميا إلى غزة، وقال إن هذه التصريحات "مضللة ومخالفة للوقائع الموثقة، وتمثل محاولة مكشوفة لتبرئة الاحتلال من جريمة الحصار وتجويع السكان المدنيين”.
وقال المكتب الإعلامي في بيان أصدره، أن جميع البيانات الميدانية والإنسانية تؤكد وجود منهجية واضحة في عرقلة إدخال المساعدات بما يُخالف التزامات الاحتلال القانونية وفق اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية ذات الصلة.
وأوضح أنه منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل 62 يومًا، لم يدخل قطاع غزة سوى 14,534 شاحنة من أصل 37,200 شاحنة كان يفترض دخولها وفق الاتفاق، أي بمتوسط يومي لا يتجاوز 234 شاحنة فقط، بنسبة التزام لا تتعدى 39%.
وأضاف أن الاحتلال لا يكتفي بخفض أعداد الشاحنات، بل يتحكم بالكامل في طبيعة البضائع، حيث يسمح بإدخال سلع منخفضة القيمة الغذائية ويمنع عشرات الأصناف الحيوية بما فيها المواد الغذائية الأساسية والمستلزمات الطبية وقطع الغيار ومواد الطوارئ دون أي مبرر قانوني أو إنساني.
وأكد أن هذا السلوك "يُمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وللالتزامات الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار، واستخدامًا فاضحًا للغذاء والدواء كأدوات ضغط ومعاقبة جماعية ضد المدنيين”.
وأشار إلى أن ما يجري على المعابر هو حصار ممنهج يتخلله تعطيل يومي وفحص بطيء ومتعمد ورفض إدخال أصناف أساسية وتقليص كميات الإمدادات بما يمنع استقرار الوضع الإنساني، محملاً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استمرار الكارثة الإنسانية، ومطالبًا المجتمع الدولي بتحقيق مستقل وشفاف وإلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته دون انتقائية أو مماطلة.
مماطلة إسرائيلية
من جهتها قالت حركة "حماس” في بيان أصدرته، إن الأزمة هذه تحصل "في ظلّ مماطلة الاحتلال الصهيوني المجرم وتنصّله من التزاماته ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، وخصوصاً ما يتعلق بالبروتوكول الإنساني وتعطيل إدخال مواد الإيواء الأساسية”.
وحملت الحركة الاحتلال كامل المسؤولية عن الظروف المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة، نتيجة منعه إدخال مواد الإيواء، وتعمده مفاقمة معاناة مئات آلاف النازحين مع دخول فصل الشتاء وعجز الخيام عن الصمود أمام البرد والعواصف.
ودعت الوسطاء والدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، إلى التحرك العاجل والضغط المباشر على حكومة الاحتلال لإدخال جميع مواد الإيواء اللازمة دون قيود، وفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين، وفقاً لما نصّ عليه الاتفاق، وبما يضمن الكرامة الإنسانية للمتضررين.
وطالبت كذلك الدول العربية والإسلامية وكافة الدول والشعوب حول العالم بضرورة تكثيف الحراك والتضامن مع الشعب الفلسطيني، والضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته المتواصلة، وإلزامه بموجبات البروتوكول الإنساني، لـ”تمكين شعبنا من التعافي والبدء في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال”.
انتقاد دولي
وفي سياق قريب، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، وهو يتحدث عن مأساة السكان "إن غزة لا تزال مكانا لمعاناة وخسائر وخوف لا يمكن تصوره”، وأضاف "رغم انخفاض وتيرة إراقة الدماء، إلا أنها لم تتوقف”.
الأمم المتحدة: غزة لا تزال مكانا لمعاناة وخسائر وخوف لا يمكن تصوره
ونقل موقع الأمم المتحدة عن هذا المسؤول الدولي الكبير، تأكيده باستمرار الهجمات الإسرائيلية، بما في ذلك على الأفراد الذين يقتربون مما يُسمى بـ”الخط الأصفر”، والمباني السكنية، وخيام وملاجئ النازحين، فضلا عن غيرها من الأهداف المدنية، رافضا مزاعم الجيش الإسرائيلي بأن ذلك "الخط الأصفر”، يمثل حدودا جديدة.
وقال "قرار مجلس الأمن رقم 2803 لعام 2025 واضح تماما بشأن عدم تسمية أي شيء بحدود أو أي شيء آخر، فالأمر يتعلق بأرض يجب احترامها بكاملها”، مشيرا إلى القرار الذي اعتمده المجلس في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر لدعم خطة شاملة لإنهاء الصراع، ودعا جميع الأطراف إلى احترام وقف إطلاق النار وضمان إمكانية الانتقال إلى المرحلة التالية من خطة السلام.
وأشار إلى أن مكتبه وثق أكثر من 350 هجوما منذ بدء وقف إطلاق النار، وإلى جانب الأزمة الإنسانية التي لا تزال تتفاقم في غزة، شدد تورك على أن "الصدمة النفسية العامة” التي يعاني منها سكان القطاع تعد "أخطر أزمة صحية نفسية يمكن تصورها. فالجميع تقريبا يعانون من الصدمة، وخاصة الأطفال”. ــ القدس العربي