حسين الرواشدة : ملفات ساخنة تحسم مصير «العمل الإسلامي»

هل سيعلن حزب جبهة العمل الإسلامي» فكّ ارتباطه»، بشكل كامل، مع الجماعة
المنحلة؟ حتى الآن لا يوجد أي مؤشرات تؤكد ذلك؛ عملية فكّ الارتباط تحتاج
إلى خطوات عملية وعميقة وجريئة، تنقل الحزب من الوضع الذي نشأ فيه وترعرع
إلى وضع جديد، يتناسب مع مرحلة حظر الجماعة، وما ترتب على الحظر، قانونياً
وسياسياً، من استحقاقات، الدولة -في تقديري - لن تقبل أن يبقى الحزب على ما
هو عليه الآن، فإما أن يتحرر من «تركة» الماضي ويندرج، كغيره من الأحزاب،
في السياق الوطني بعيداً عن أي امتدادات خارجية، و إما أن يواجه مصير
الجماعة المحظورة.
هذا الشهر، وفق معلومات، سيكون حاسماً على صعيد
قضايا تتعلق بهذا الملف، الحسم هنا ينصرف إلى تشكيل رؤية ومواقف محددة تجاه
مستقبل حزب جبهة العمل الإسلامي (لا رجعة أبداً، في تقديري، عما يتعلق
بالجماعة المنحلة، فقد أُغلق النقاش حولها)، في التفاصيل : ما يصدر عن
المحكمة من قرارات حول خلية ال 16 ربما يطرح أسئلة وقضايا جديدة، ما تفضي
إليه التحقيقات مع عدد من أعضاء الحزب حول استخدام تبرعات غزة لأغراض أخرى
سيفتح النقاش حول السلوك القانوني للحزب، ملف الأموال والعقارات المنقولة
المسجلة بأسماء أعضاء من الجماعة المنحلة ومن الحزب أصبح أمام المحكمة،
وربما يكشف عن تطورات ومفاجآت.
لاحظ، هنا، « الملف المالي « يشكل نقطة
أساسية في ترسيم علاقة الدولة مع حزب جبهة العمل الإسلامي، لاحظ، أيضاً،
إحالة أعضاء تم توقيفهم إلى المحكمة سيصب عكس مصلحة الحزب، لاحظ، ثالثاً،
استمرار بعض أعضاء «التأزيم» في قيادة الحزب والتباطؤ في إجراء تغييرات
هيكلية داخله، وعدم القيام بما يلزم من مراجعات لخطابه العام، سيبعث برسائل
سلبية قد تدفع إلى ترجيح كفة مقاربة يرى أصحابها أن عملية فصل (التوأمة
السيامية) بين الحزب والجماعة المنحلة غير ممكنة، وبالتالي قد يكون الحلّ
هو الحلّ.
هذا الشهر، أيضاً، من المتوقع أن تحسم المحكمة الدستورية
ملف نقابة المعلمين، أي قرار سيصدر عن المحكمة سيتم رصد أصدائه على صعيد
حزب العمل الإسلامي تحديداً، نظراً لارتباط ملف النقابة وتجربة الدولة
معها، خلال السنوات المنصرفة، بالجماعة المنحلة، هذا الملف، أيضا، سيكون
بمثابة « باروميتر» لقياس تحولات ومواقف الحزب، ومدى قابليته للخروج من
خطاب التجييش الذي مارسته الجماعة المنحلة تجاه ملف نقابة المعلمين خلال
الأعوام الخمسة المصرفة.
أمام حزب جبهة العمل الإسلامي محطات صعبة،
ومتطلبات تحتاج إلى فهم عميق لما جرى منذ منتصف نيسان الماضي وحتى الآن،
وربما لما قد يحدث لاحقاً من مستجدات، لا أتوقع أن لدى إدارات الدولة،
الآن، موقفاً جاهزاً تجاه الحزب، كما لا أعتقد أن أحداً من الحريصين على
نجاح تجربة التحديث السياسي مع أقصاء الحزب الذي يحظى بحضور واضح في
البرلمان.
المؤكد أن تصحيح مسار الحزب أصبح ضرورة لاستمراره، كما أن
بقاءه في ظل الوضع القائم الذي هو عليه سيجعل مهمة المتعاطفين معه،
والمدافعين عنه صعبة، وبالتالي فإن أمام الحزب فرصة لاستدراك القادم
(المصير ) المجهول، يمكن استثمار عطلة البرلمان خلال الأشهر الثلاثة
القادمة لإنجاز ذلك، المخرج الوحيد أمامه هو الانفصال نهائيًا عن الجماعة
المنحلة، وكشف الملفات العالقة والإفصاح عنها بشفافية، وتحمل تبعات ما حدث
من أخطاء، ثم فتح صفحة جديدة، أما كيف؟ الإجابة لدى قيادات الحزب فقط. ــ الدستور