الأخبار

م . باهر يعيش : لا إحِم ولا دستور.. وما هم بـ«متسوّلين»!

م . باهر يعيش : لا إحِم ولا دستور.. وما هم بـ«متسوّلين»!
أخبارنا :  

تقف/ تقفين بمركبتك على إشارة ضوئية. تُفاجئ بشاب يحمل بيده (قشّاطة) صغيرة ويبدأ بسكب الماء على الزجاج الأمامي للمركبة بلا إحم و...لا دستور. لا يشفع لك رجاء للمقتحم ولا تكشيرة ولا ن"حنحة»، ولا حتى صرخة احتجاج بأنك قبل ساعة قمت بغسل مركبتك في مغسلة مركبات ودفعت البدري والوخري.

يقال أن أصل الكلمة (لا إ حم ولا دستور!) ترجع إلى عهد أحد الولاة، حين قام بتعطيل الدستور، ونشر رجال أمنه ليضبط الإيقاع. وفي تجمع لبعض المحتجين لاحظ أحدهم أن أحد رجال الوالي يحاول الدخول للموقع فتنحنح الرجل، فقام رجل الوالي بحجزه فقالوا؛ معقول... «لا إحم ولا دستور».. والله أعلم على كل حال.

هذا الشاب «أبو قشّاطة» يركز أكثر على المركبات التي تقودها سيدات من باب أحراجهن، لكن معظمهن يرفضن أن يبدأ بعمله... قبل أن يبدأ. يترك أبو قشّاطة المركبة ليتحول إلى التي تليها، وينتقي المركبات تبعًا لسائقيها بعد أن أصبح لديه خبرة بمن يتجاوب وهم أقلية ومن يصرخ وهم الغالبية.

يبدأ هجوم من نوع آخر. شاب أو فتاة، طفل أو طفلة يتدلون من نافذة المركبة لداخلها لتبدأ بـ(مدّيحيّة) من الاستعطاف التسوّلي. تقوم بإغلاق نافذة مركبتك وتتمنى أن لا يكون هناك إشارات مرور كهربائية ...حمراء، طلبًا لعدم التأخر في ازدحام يشجّع على الهجوم على السائقين من حملة القشاطات وأناشيد التسوّل. بل البعض يباغتك... يدخل يده برزمة من المناديل الورقية أكل الدهر عليها وعطس ففطس ويضعها في أرنبة أنفكَ/أنفكِ لتبتاعيها.

موديل جديد من التسوّل... تقوم بركن مركبتك أمام بيتك أو بيت صديق وفي شارع فرعي لحيّ سكني؛لتفاجأ وأنت تهمّ بالخروج منها؛ بشاب يضع حقيبة سفرية مدلاة من حزام معلق بشكل مايل على كتفه كما الرّحالة..ابن بطوطة. يرمي عليك التحية ويبدأ بسرد قصته حول غربته في البلاد/أو المدينة وأنه لا يملك ما يعود به لبلاده. ألبعض يلوّح مطالبًا بثمن تذكرة سفر، والآخر بأجرة تكسي. تعتذر منه... ليتركك ويسير باتجاه مركبة أخرى، هم ينتهزون عدم وجود رجال أمن لممارسة أعمالهم.

تدخل إلى مبنى دار عبادة أو تخرج منه. ترى سيدة أو فتاة تقف على الباب، تستعطف المصلين بأن يجودوا عليها بما يستطيعون؛ رغم أن الواعظين يطلبون منهم وعظهم من المصلين عدم أعطاء المتسولين شيئًا، وأن هناك صناديق للصدقات ودعم الجمعيات الخيرية لمن يرغب.

تقف بمركبتك في طابور طويل بطيء عليل...في طريق ذي اتجاهين يفصل بينها جزيرة وسطية صغيرة في الانتظار أن تصل لدوّار صغير مفتوح عليه عشرة منافذ للدخول والخروج ولا سبيل للتحرر من هذا المأزق إلا بعد زمن طويل، تفاجئ بمن يقف على الجزيرة الوسطية النحيلة، يحمل أداة تنظيف(مكنسة) ليكنس متر الطريق الذي يقف عليه مائة مرّة روحة وجيئة وعينه على السائقين والسائقات الواقفين بمركباتهم في سلسلة طويلة ويتقدمون كما السلاحف المرورية، بما يستعطف السائقين من الاتجاهين بل وقد يحرجهم ليمنحوا بعضهم بما تجود به أنفسهم. نعم هؤلاء يمارسون مهنة التسوّل، وقد يكون بعضهم من ذوي الأعمال له مركبات تسير على الخطوط بل وبعضهم/بعضهم يدير شِللًا من متسولين/متسولات يوزع بعضهم وبانتظام على تقاطعات الطرق ومنافذ دور العبادة بل ومن جديد في المناطق السكنية بل وبعضهم عاملون في شركات أو مؤسسات.

نشكر جزيل الشكر إخواننا رجال الأمن لدورهم في مكافحة هذا الآفة لكن...لا يعقل أن يكون هناك رجل أمن على كل ناصية طريق. هو دورنا نحن المواطنين في مكافحة تلك الآفة التي تسيء إلى وطننا... خاصة أمام الزائرين من الخارج. فبلدنا بحمد الله بلد أهليه يبدعون في أعمالهم، بل أن كثيرًا منهم يساهمون في نهضة دول شقيقة كثيرة. كذا فأننا شعب يجود بالكثير ليسد حاجة المحتاجين... فعلًا.

ففي دور العبادة تجد العديد من الصناديق التي يجود المصلون فيها بالكثير لسد حاجة المحتاجين. هذا عوضًا عن صناديق الزكاة التي يرفدها المؤمنون بما يترتب عليه من زكاة وهي من أركان الإسلام. كذلك هناك الكثير من الجمعيات الخيرية التي تقوم بمساعدة المحتاجين بل ودعم الطلبة ممن لا يملك أهلوهم أن ينفقوا عليهم بل أن كثيرين من المواطنين يرتادون بيوت الفقراء ممن يحتاجون للمساعدة لكن لا أحد يدري، لمد يد المساعدة بدون أن يدري أحد... حفاظًا على كرامة المحتاجين.

علينا مكافحة هذا الآفة وذلك بالامتناع عن إعطاء متسولي التقاطعات والإشارات الضوئية وغيرها، فمعظم المحتاجين فعلًا هم من أصحاب الكرامة لا يظهرون حاجتهم سوى للمولى عزّ وجل، والذي لا يترك محتاجًا إلا استجاب لطلبه. ــ الراي

مواضيع قد تهمك